السبت 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2004
مولده
ولد الشيخ/ شعبان عبد العزيز الصياد بقرية صراوة التابعة لمركز آشمون بمحافظة المنوفية وذلك فى 20/9/1940م. وهذه القرية تعرف بقرية القرآن الكريم حيث تتميز بكثرة الكتاتيب والمحفظين الأجلاء الذين حفظ وتخرج على أيديهم بعض الأعلام والمشاهير بجمهورية مصر العربية وفى مقدمتهم الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد.
نشأ الشيخ شعبان الصياد فى منزل ريفى متواضع عن أم ريفية وأب هو الشيخ/ عبد العزيز إسماعيل الصياد. الذى كان يتمتع بجمال فى الخلق والخلق إضافة إلى جمال وعذوبة صوته الذى كان يعرفه الجميع فى هذه القرية وفى القرى والمدن المجاورة. فقد كان صوته ملائكياً يشبه إلى حد كبير صوت الشيخ/ محمد رفعت. وذلك حسب روايات عديدة سمعناها من الذين عاصروه. وكان الشيخ/ عبد العزيز (والد الشيخ شعبان الصياد) يدعى الى السهرات والمناسبات وذاع صيته. وقدم نفسه الى الاذاعة المصرية وكان ذلك فى أوائل الأربعينات وعندما ظهرت نتيجة امتحانه أمام لجنة الاستماع فى الاذاعة وتم ارسال خطاب له للحضور الى الاذاعة. لكنه كان على موعد مع القدر حيث كان هذا اليوم نفسه هو يوم وفاته فى عام 1944م. وكان وقتها الشيخ شعبان الصياد لم يتجاوز الرابعة من عمره.
نشأته
إذا فقد نشأ الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد فى بيت ملئ بآيات الله عن أب يحمل كتاب الله ويمتلك صوتاً جميلاً عذباً. فورث الشيخ شعبان الصياد هذا المسلك حيث كان يتردد بإنتظام على كتاب القرية ( كتاب الشيخة زينب ) وهى التى تخرج من كتابها العديد من المشاهير كما ذكرت. وقد كان الشيخ شعبان الصياد متميزاً بين أقرانه فى الكتاب حيث كان الأسرع حفظاً والأجمل صوتاً حتى أن المحفظة التى كانت تحفظه القرآن تثنى عليه دائماً وبين الحين والآخر تجعله يتلو بصوته الجميل ما حفظه من آيات أمام زملائه وغالباً ما كان يحظى بجوائز بسيطة للتشجيع والتحفيز على التميز باستمرار.
حفظ القرآن
أتم الشيخ شعبان الصياد حفظ القرآن الكريم كاملاً وهو فى السابعة من عمره.
التعليم الأزهرى قبل الجامعى
وكان طبيعياً أن يكمل المسيرة الدينية التى نشأ عليها. فالتحق بالمعهد الدينى الابتدائى وأثناء دراسته بالمعهد كان أساتذته يعلمون موهبته الصوتية. فكانوا دائما يجعلونه يتلو عليهم بعض آيات الله البينات فى الفصل الدراسى. وذاع صيته حتى أنه كان يفتتح أى مناسبة بالمعهد الذى يدرس به. وأتم الشيخ شعبان الصياد المرحلة الابتدائية وكان وقتها قد عرف فى البلدة كلها بحلاوة صوته وعذوبته وتمكنه من التلاوة السليمة الصحيحة. فبدأ يظهر فى المناسبات العامة على أثر دعوات من أصحابها وهو فى سن الثانية عشرة. ثم أكمل الشيخ دراسته بالمعهد الدينى بمدينة منوف بمحافظة المنوفية وكان أثناء هذه الدراسة. يذهب الى المناسبات المختلفة فى مدينة منوف والقرى المجاورة لها. حيث أتم دراسته الثانوية والتحق بجامعة الأزهر.
التحاقه بجامعة الأزهر الشريف
التحق الشيخ شعبان الصياد بكلية أصول الدين شعبة العقيدة والفلسفة واضطر الى السكن هناك وكانت أكثر إقامته فى صحن الأزهر الشريف. وكان يجمع بين الدراسة التى كان متفوقا فيها أيضاً وبين دعواته الى المناسبات المختلفة. وذاع صيته وسمع به مشاهير القراء فى ذلك الوقت وفى احدى الليالى كان الشيخ شعبان الصياد عائداً من مناسبة كان يتلو فيها كتاب الله. وعاد الى صحن الأزهر الشريف حيث كان يستعد لإمتحان فى الكلية (أصول الدين) وذلك فى اليوم التالى لهذه السهرة. وعند عودته مباشرة بدأ فى الاستذكار وغلبه النوم. فنام وفى هذه الاثناء كان الشيخ مصطفى إسماعيل (القارئ المشهور) فى جامع الأزهر لصلاة الفجر وإذا به يرى الشيخ شعبان الصياد وهو نائم وفى يده كتابه الذى سوف يمتحن فيه صباحاً. فقال لمن معه. انظروا وتمعنوا فى هذا الشاب النائم أمامكم فإن له مستقبل عظيم فى دنيا تلاوة القرآن الكريم.
وهكذا فإن موهبة الشيخ شعبان الصياد فرضت نفسها على الجميع بما فيهم كبار القراء الذين كان يتقابل معهم فى المناسبات المختلفة التى يتم دعوته إليها فكان دائما يثقل موهبته بكثرة الاستماع الى قراء القرآن فى ذلك الوقت وايضا السابقين وخاصة الذين كان يعجب بهم جداً ومنهم الشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة والشيخ مصطفى إسماعيل وهو قارئه المفضل وبرغم أنه لم يعاصر والده الشيخ / عبد العزيز الصياد إلا أنه كان له دائما المثل الأعلى حسبما كان يروى له ويحكى له عن جمال صوته وعذوبته وشهرته برغم أنه لم يكن قد التحق بالاذاعة فى ذلك الوقت.
أتمام التعليم الجامعى
أتم الشيخ شعبان الصياد تعليمه الجامعى وتخرج من كلية أصول الدين شعبة العقيدة والفلسفة وحصل على الليسانس بدرجة جيد جداً فى عام 1966 ورشح للعمل بالسلك الجامعى كمحاضر بالكلية ولكنه رفض وكان رفضه من أجل القرآن الكريم حيث قال: أن الجامعة وعمله بها كمحاضر وأستاذ سيجعل عليه إلتزامات تجاه الجامعة والطلبة مما يعيقه عن رسالته التى يعشقها ويؤمن بها وهى تلاوة القرآن الكريم.
فعمل مدرسا بالمعهد الدينى بمدينة سمنود بمحافظة الغربية وكان ينتقل إليها يومياً من مقر إقامته بمدينة منوف - محافظة المنوفية. ثم نقل الى معهد الباجور الدينى ثم الى معهد منوف الثانوى ثم الى مديرية الأوقاف بشبين الكوم حيث رقى الى موجه فى علوم القرآن لأنه كان يقوم بتدريس القرآن والتفسير والأحاديث النبوية الشريفة ثم رقى الى موجه أول حتى وصل الى درجة وكيل وزارة بوزارة الأوقاف.
قبل دخوله الأذاعة
أنطلق الشيخ شعبان الصياد فى إحياء المناسبات المختلفة وذاع صيته فى جميع محافظات الجمهورية وكان معظم الناس يتمسكون به فى مناسباتهم حتى أنه كان هناك من يؤجل مناسبته الى اليوم التالى فى حالة إنشغال الشيخ/ شعبان فى مناسبة ما فى نفس يوم مناسبته وبدأ الشيخ شعبان الصياد بتلاوة القرآن فى صلاة الجمعة فى عدة مساجد صغيرة فى مدينة منوف حتى وصل الى ان يكون قارئ السورة فى مسجد الشيخ زوين بمدينة منوف (أكبر مساجدها) وذلك قبل ان يلتحق بالاذاعة المصرية. وكان يسهر فى شهر رمضان المبارك سنوياً فى جمعية تحفيظ القرآن الكريم ويحضرها يومياً كبار رجال المحافظة ومشايخ المدينة ليستمعوا ويستفيدوا من قراءة الشيخ شعبان الصياد حيث أنه كان يقرأ القرآن الكريم وهو ملم وعلى دراية بكل معانيه وتفسيره.
موقف طريف فى حياة الشيخ شعبان الصياد
وفى عام 1969 وجد الشيخ شعبان الصياد سيارات الشرطة تحاصر منزله وقد تجمع الجيران لمتابعة الموقف. وعند استفساره من أحد ضباط الحرس الجمهورى كما وضح بعد ذلك. تبين أنهم عندهم أوامر من رئاسة الجمهورية بإحضار الشيخ شعبان الصياد لإحياء ثلاثة ليالى بمحافظة بورسعيد وكان ذلك لوفاة الزعيم الراحل/ جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت .
دخوله الإذاعة عام 1975
اتسعت شهرة الشيخ شعبان الصياد بجميع أنحاء الجمهورية. فتقدم للامتحان بالاذاعة والتليفزيون المصرى. وبعد الامتحان والعرض على لجنة الاستماع التى كانت تضم فطاحل العلماء فى ذلك الوقت أمثال الشيخ عبد الفتاح القاضى والشيخ محمد مرسى والشيخ عفيفى الساكت والشيخ رزق خليل حبة وغيرهم من العلماء كما استمع إليه أعضاء لجنة الموسيقى وكانت تضم كبار الموسيقيين مثل الأستاذ محمود الشريف الذى أثنى ثناءاً غير عادى على نغمات وصوت الشيخ شعبان الصياد.
اجتاز الشيخ شعبان الصياد امتحان الاذاعة والتليفزيون بنجاح باهر وتم إعتماده كقارئ للقرآن الكريم بالبرنامج العام مباشرة دون المرور على اذاعات البرامج القصيرة. ففى هذا الوقت كان أى قارئ للقرآن الكريم يتم اعتماده بالاذاعة لا يذيع أى اذاعات بالبرنامج العام مباشرة ، بل يذيع بضع آيات عبارة عن عشرة دقائق فقط فى البرامج القصيرة فقط ولا يستطيع اذاعة أى قرآن فى البرنامج العام او فى صلاة الجمعة ولكن الشيخ شعبان الصياد لجمال وعذوبة صوته وتمكنه من التلاوة جعل لجان الاذاعة والتليفزيون يجيزون دخوله مباشرة للاذاعة فى البرنامج العام وجميع الاذاعات المحلية وكذلك لجنة امتحانات التليفزيون أجازته مباشرة حتى أنه فى أول شهر من التحاقه بالاذاعة والتليفزيون أسند إليه تلاوة القرآن الكريم يوم الجمعة من الاذاعة فى صلاة الجمعة وأيضاً اسند إليه تلاوة القرآن الكريم يوم الجمعة التالية مباشرة فى التليفزيون.
أنهالت المكالمات التليفونية على منزل الشيخ شعبان الصياد للتهنئة بالتحاقه بالاذاعة والتليفزيون المصرى. كما كانت الاتصالات التليفونية لا تنقطع للسؤال عن مواعيد إذاعاته المسجلة والمباشرة على الهواء وذلك لكثرة معجبيه واتساع القاعدة العريضة لمحبى الشيخ شعبان الصياد.
كان الشيخ شعبان الصياد يقرأ قرأن الفجر كل ثلاثة أسابيع فى مساجد مصر مثل مسجد مولانا الإمام الحسين والسيدة زينب. وكان دائماً محبيه ينتظرون تلاوة قرآن الفجر فكان منهم من ينتظره بالمسجد نفسه فى ظل الظروف الجوية وفى البرد القارس ويأتون من معظم محافظات الجمهورية. وكان البعض الآخر يسمع قراءته من الاذاعة مباشرة ثم يقوموا بالاتصال تليفونياً ليثنوا على ادائه وجمال وعذوبة صوته.
حتى اهل الطرب احبوه
وفى أحد الأيام وفى صلاة الفجر فى مسجد مولانا الإمام الحسين بالقاهرة ، ذهب الشيخ شعبان الصياد لتلاوة قرآن الفجر ، فإذا بصوت يناديه فنظر الى هذا الصوت ، فوجد المطرب الشعبى المعروف الأستاذ/ محمد عبد المطلب الذى عانقه وشد على يده وقال له أنا من أشد المعجبين بصوتك يا شيخ شعبان ودائماً أحضر وأسمع قرآن الفجر بصوتك ولكنى اليوم أصررت على مقابلتك وتهنئتك بهذا الصوت الجميل والفن الرائع الذى قلما نجد له مثيلاً فى تلاوة القرآن الكريم وقال له "ياملك الفجر". وظلت هذه التسمية واللقب ملازماً للشيخ/ شعبان الصياد حتى وفاته.
ظل الشيخ شعبان الصياد يتردد باستمرار على الاذاعة المصرية لتسجيل القرآن بصوته كما أنه كان دائماً يذيع على الهواء من خلال الأمسيات الدينية من مختلف محافظات الجمهورية وصلاة الجمعة والمناسبات المختلفة.
أول قارىء بمسجد القنطرة شرق بعد عودة سيناء
ذاعت شهرة الشيخ شعبان الصياد حتى أنه أختير كأول قارئ يتلو آيات الله فى مسجد القنطرة شرق بمحافظة سيناء فى حضور الرئيس الراحل أنور السادات وذلك بعد عودة سيناء الى مصر من أيدى الاحتلال وقد أثنى الرئيس أنور السادات على آدائه فى هذا اليوم وشد على يده وعانقه وأمر له بجائزة فورية إعجاباً به وتقديراً لجمال تلاوته وعذوبة صوته.
ومثلما حدث فى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر ، دعى الشيخ شعبان الصياد على رأس بعض القراء لإحياء مأتم وفاة الرئيس محمد أنور السادات رحمه الله.
استضافته
تم استضافة الشيخ شعبان الصياد فى العديد من البرامج الاذاعية فى البرنامج العام وصوت العرب وإذاعة القرآن الكريم لمعرفة شخصيته والاطلاع على أسراره الخاصة.
أثنى العديد من مشاهير القراء على الشيخ شعبان الصياد مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ أبو العنيين شعيشع والشيخ محمود على البنا وذلك فى عدة برامج فى الاذاعة والتليفزيون. كما أثنى عليه الكثير منهم على صفحات الجرائد والمجلات وتوقعوا له مستقبلاً باهر فى دنيا تلاوة القرآن الكريم.
رحلته مع التلاوة داخل مصر
صال وجال الشيخ شعبان الصياد بتلاواته فى جميع انحاء الجمهورية من أقصاها الى أقصاها وبالنسبة لسهراته فى جمهورية مصر العربية فكان يتلو القرآن الكريم بصوته الجميل فى المناسبات المختلفة بصورة شبه يومية.
رحلته مع التلاوة والسفر خارج مصر
كان فضيلة الشيخ يدعى دائما فى شهر رمضان المبارك للسفر الى معظم الدول العربية والإسلامية والأجنبية لإحياء شهر رمضان هناك وأول دعوة له فى شهر رمضان بعد دخوله الاذاعة مباشرة كانت الى دولة الكويت وتلى آيات الله فى معظم مساجدها وأشهرها وكان معه فى هذا الوقت الشيخ محمد محمود الطبلاوى ، والشيخ راغب مصطفى غلوش وهم من مشاهير قراء القرآن الكريم بجمهورية مصر العربية. فقضوا معاً شهر رمضان المبارك فى دولة الكويت وقاموا بالتسجيل فى الاذاعة والتليفزيون الكويتى ، بل قاموا بتسجيل القرآن الكريم مرتلاً بالتناوب بعضهم مع بعض حتى تم تسجيله كاملاً. ودعى فى العام التالى الى دبى وذلك لإحياء شهر رمضان هناك. وكانت وقتها تقام مسابقة القرآن الكريم فى وزارة الداخلية بدبى وكان الشيخ شعبان الصياد هو رئيس لجنة التحكيم واختبار القراء هناك. وتتابعت الدعوات عاماً تلو الآخر من معظم الدول العربية والإسلامية والأجنبية ، ومنها دولة إيران ، التى تعشق صوت الشيخ شعبان الصياد. فكان عندما يفرغ من تلاوته بإحدى المساجد هناك، كان المستمعون يقومون بحمل الشيخ شعبان الصياد على الأعناق بحيث لا تلمس قدمه الأرض حتى السيارة المخصصة لنقله الى مكان إقامته
تكريم الدول له
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية من معظم الدول التى دعى إليها لإحياء ليالى شهر رمضان المبارك وكان آخرها سلطنة بروناى. وبالنسبة لسهراته فى جمهورية مصر العربية فكان يتلو القرآن الكريم بصوته الجميل فى المناسبات المختلفة بصور شبه يومية.
موقف طريف
وأذكر عندما التحق بالاذاعة عام 1975م. وبعدما أعجب به محبى سماع القرآن الكريم. كان قد دعى لإحياء مناسبة فى بلدة كفر العمار التابعة لمدينة بنها بمحافظة القليوبية وعندما وصلنا الى هذه البلدة وأثناء مرورنا بالسيارة فى شوارعها ، وجدنا حركات غير طبيعية واستعدادات فى الشوارع وكنا لا نعرف العنوان الذى سنذهب إليه. فتوقفنا بالسيارة لسؤال أحد الأشخاص عن العنوان فدلنا عليه ثم قلنا له ، لماذا هذه الاستعدادات ، فقال سوف يحضر الى بلدتنا اليوم القارئ الشيخ شعبان الصياد ، ولأنه هو قارئ البلدة المفضل فالكل فى إنتظاره وسعيد برؤيته على الطبيعة لأول مرة. فقلت له أن الذى تتحدث معه الآن هو الشيخ شعبان الصياد ، فما كان من الرجل إلا أن ارتمى على يد الشيخ شعبان الصياد يقبلها بهستيرية وقال اعذرونى لأننى غير مصدق أننى أمام الشيخ شعبان الصياد. وفى هذه الليلة كان مدعو مع الشيخ شعبان الصياد. الشيخ/ محمود على البنا وهو قارئ شهير ومعروف وأقدم من الشيخ شعبان الصياد. وعندما بدأ الشيخ شعبان الصياد بالتلاوة وانتهى منها. نال استحسان الجميع. ثم قام الشيخ محمود على البنا بالتلاوة بعده مباشرة. وفى أثناء الراحة بين المغرب والعشاء إذا بكبار البلدة يستأذنون الشيخ البنا ويطلبون أن يقوم الشيخ شعبان الصياد بتلاوة آيات الله البينات فى ختام الليلة. وكانت هذه هى المرة الأولى التى يختتم فيها قارئ صغير ليلة قرآنية فى وجود قارئ كبير له سمعته وشهرته ولكن هذا لم يأت من فراغ بل لأن الشيخ شعبان الصياد حالفه التوفيق فى هذه الليلة وككل ليلة لتمتعه بحلاوة وقوة وتمكن الصوت.
وعند سؤال أحد القراء الكبار ( فضيلة الشيخ / محمود على البنا) عن رأيه فى الأصوات الجديدة فى تلاوة القرآن ) (عقب التحاق فضيلة الشيخ شعبان الصياد بالأذاعة) كان رده أتنبأ لصوت الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد بالأنتشار لأنه من الأصوات الممتازة والمثقفة ( وكان ذلك فى حوار صحفى مع فضيلة الشيخ محمود على البنا بمجلة روزليوسف المصرية )
صحافة والقاب
كتب عنه كثيراً فى الجرائد والمجلات تمتدح أسلوبه ومدرسته الجديدة والفريدة التى لم يسبقه فيها أى قارئ آخر كما لقب بأكثر من لقب أيضاً على صفحات الجرائد والمجلات كملك الفجر ، ونجم الأمسيات الدينية و صوت السماء وغيرها من الألقاب التى كان يستحقها وأكثر. ويتميز الشيخ شعبان الصياد فى قراءته أنه بجانب صوته القوى المتمكن ذو النبرات السريعة والحساسة وذو النهاية الرائعة (القفلة) أنه كان يتلو القرآن الكريم وهو على علم تام ودراية كاملة بمعانيه حيث أنه دارس وفاهم لتفسير القرآن الكريم بل وكان يقوم بتدريسه الى الطلاب بجانب تدريس الفقه الحنفى والأحاديث النبوية. فكان يعطى لكل آية النغمة السليمة التى تناسب معناها والتى تساعد المستمع على فهم معانى القرآن الكريم.
من أول مرة
وبسؤال مهندسى الصوت باستديوهات الاذاعة والتليفزيون عن أهم ما يميز الشيخ شعبان الصياد عن غيره من القراء. فقالوا وأجمعوا أن الشيخ/ شعبان الصياد كان من أكثر القراء الذين كانوا يحبون التعامل معهم فى التسجيل بالاذاعة والتليفزيون. فإنه عندما كان يذهب لتسجيل نصف ساعة فإن الاستديو يتم حجزه لمدة نصف ساعة فقط لأنه كان من أكثر القراء تمكنا من صوته وكان يقرأ الآية مرة واحدة ولايعيدها مرة أخرى وتلك موهبة أعطاها وأكرم الله بها فضيلة الشيخ وكذلك ما يتعلق بالتمكن من الصوت أو النغمات أوالنبرة والقفلة وغيرها من الأمور الفنية والحمد لله على عطائه ونعمته.
كما كان يتميز الشيخ شعبان الصياد فى تلاواته بتعدد القراءات والنغمات فكان يقرأ الآية الواحدة بعدة طرق وكلها أجمل من بعضها وكلها حسب القوانين الموسيقية حيث أنه كان على دراية تامة بالموسيقى من حيث المقامات والنغمات والسلم الموسيقى وغيرها. كما كان يمتلك فضلاً عن قوة وجمال وعذوبة صوته، كان يمتلك نفساً طويلاً جداًَ مما كان يساعده ويمكنه من تنويع القراءات والنغمات كما يشاء وكما يستدعى معنى الآية ذلك. كما كان صوته عريضاً جداً متعدد الطوابق يستطيع أن يصل به الى أعلى الجوابات أى الطبقة العليا ثم يهبط به الى القرار وذلك فى نفس الآية وفى نفس الوقت. وكان الشيخ شعبان الصياد صاحب مدرسة فريدة ومتميزة فى قراءة القرآن الكريم لم يسبقه إليها أحد.
حياته الخاصة
فلقد نشأ الشيخ شعبان الصياد يتيم الأب لا يملك شيئ وسط أسرة فقيرة. فكان هذا دافعاً لأن يأخذ حياته منذ الطفولة مأخذ الجد والكفاح فلم يعرف معنى الطفولة حتى إنه فى إحدى برامج الاذاعة حين استضافته وسؤاله عن طفولته ، فأجاب لقد ولدت رجلاً. هكذا كان احساسه منذ بداية عهده بالدنيا فكان لا يعرف غير العمل حتى فى تربيته لأولاده كان دائما يذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم) وذلك حتى يحث أفراد الأسرة على الاجتهاد وتحمل المسئولية كما تحملها هو منذ الصغر. وكان دائما يضع نصب عينيه أنه لابد وأن يكون إنسان ذو شأن ومكانة عظيمة فى المجتمع الذى يعيش فيه وزرع ذلك فى أفراد أسرته الذين تبؤوا أعلى المناصب الأدبية فمنهم الضابط والطبيب والمحاسب والمحامى. وكان حريصاً أشد الحرص على انتظام أفراد أسرته فى الصلاة وفى حفظ القرآن الكريم حتى أنه كان يحضر لهم محفظا للقرآن فى المنزل لتحفيظهم القرآن وتعليمهم أحكامه. وكان الشيخ شعبان الصياد يتمتع بالذكاء الشديد وذاكرة شديدة القوة كما أنه كان شديد الثقة بالنفس كما كان متواضعاً جداً. وكان يحترم قراء القرآن الكريم أصغرهم وأكبرهم.
الثقة بالنفس
كان فضيلة الشيخ شعبان الصياد قوى الأرادة يحب التحدى فعلى سبيل المثال كان الشيخ شعبان الصياد مدعو فى احدى المناسبات وكان معه زميل قارئ للقرآن وكان هذا الزميل يقيم فى نفس البلدة التى كانت تقام فيها هذه المناسبة فأوصى عامل الميكرفون أن يجعل السماعات تحدث صفيراً أثناء تلاوة الشيخ شعبان الصياد ، ولذكاء الشيخ شعبان الصياد ، لاحظ هذه المؤامرة فما كان منه إلا أن أمر بإبعاد الميكرفون والسماعات وقرأ القرآن بصوته فقط ، ولقوة وجمال صوته كان يصل بصوته الى آخر المكان الذى تقام فيه هذه المناسبة بل وكان يصل الى خارج السرادق ليسمعه من بالخارج ونال استحسان وتشجيع كل من كان موجود فى هذه المناسبة.
موقف لاينساه
ومن المواقف التى لا تنسى أنه أثناء دعوته لإحياء أمسية دينية من مسجد سيدى عبد الوهاب الشعرانى بباب الشعرية وكان هو قارئ السورة بهذا المسجد ، وكانت الأمسية عبارة عن صلاة العشاء ثم ابتهالات دينية ثم تلاوة قرآنية للشيخ شعبان الصياد. وعند دخوله المسجد أخبره المسئولون عن الاذاعة أن إمام المسجد والشيخ المبتهل لم يحضرا وأنهم فى موقف حرج. فطمأنهم الشيخ شعبان الصياد ، وأذن لصلاة العشاء وأم المصلين فى الصلاة ، وقدم الابتهالات الدينية ، ثم قدم التلاوة القرآنية التى كانت من أجمل ما قرأ وكانت من أول سورة التحريم وكل ذلك كان على الهواء مباشرة وكانت ليلة عظيمة كتب عنها فى بعض الصحف ، وعلى أثر هذه الليلة طلب المسئولين عن البرامج الدينية بالاذاعة وكان أيامها الدكتور/ كامل البوهى ، طلبوا من الشيخ شعبان الصياد أن يقوم بتسجيل الابتهالات الدينية بالاذاعة ويقوم أيضاً بتقديمها على الهواء فى المناسبات المختلفة. ولكن الشيخ شعبان الصياد رفض هذا الاقتراح وفضل أن يظل كما هو فى تلاوة القرآن الكريم حيث أنه يجد نفسه فى القرآن وتلاوته دون غيره.
القارىء العالم
وكان فضيلة الشيخ شعبان الصياد معروفاً بدراسته الدينية وعلمه حيث كان من علماء الأزهر الشريف ، فكان فى كل المناسبات فى فترة الراحة يقوم بالإجابة عن الأسئلة الدينية المختلفة التى كانت تطرح عليه من الجماهير المتواجدة. وكان من أشد المنافسين له فى قرآءة القرآن الكريم يحبون سماع صوته حتى إن الشيخ محمد محمود الطبلاوى عندما أقام مسجداً فى حى المهندسين ، أصر أن يقوم بإفتتاح مسجده الشيخ شعبان الصياد ويقرأ فيه أول قرأءة وأول إذاعة صلاة جمعة على الهواء مباشرة.
مواقفه مع بعض الأشخاص من غير اهل التلاوة
كان له صديق مسيحى يعمل صيدلانياً ويمتلك صيدلية فى مدينة منوف بمحافظة المنوفية. وكان هذا الصديق من شدة إعجابه بصوت الشيخ شعبان الصياد ، كان يذهب وراءه فى أى مناسبة فى المنطقة حتى يسمعه وكان دائماً يطلب منه أن يتلو ما تيسر من سورة مريم ، كما كان هذا الصديق يحتفظ بعدة نسخ من شريط سورة مريم عنده فى المنزل والصيدلية والسيارة.
دخول رجل فى الاسلام
ومن ضمن المواقف أيضاً أنه أثناء تلاوة الشيخ شعبان الصياد لسورة الاسراء من أولها وكان ذلك فى مدينة فوة مركز دسوق - محافظة كفر الشيخ ، وكانت هذه المناسبة تقام سنوياً ويدعى لها كبار رجال المحافظة والمدينة وكانت بمناسبة العيد القومى للمدينة ، وكانوا دائماً يدعون الشيخ شعبان الصياد سنوياً لهذه المناسبة ولا تقام إلا فى حضوره. وأثناء تلاوة الشيخ شعبان الصياد لسورة الاسراء ، ومن شدة التجلى والروحانية ، إذا برجل مسيحى يدخل المسجد الذى كان يقام فيه هذه المناسبة ويصرخ بأعلى صوته "لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو على كل شئ قدير ، وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله" وكان هذا إعلاناً لإسلامه حيث اجتمع به الشيخ شعبان الصياد بعد إنتهاء المناسبة ودله على كيفية إشهار إسلامه وكان هذا من فضل الله تعالى وكانت من أسعد اللحظات التى مر بها الشيخ شعبان الصياد.
وكان الشيخ شعبان الصياد متميزاً عن أقرانه القراء بأنه كان عالماً بالأزهر ، حيث حصل على شهادة العالمية وتدرج بالأزهر الشريف الى أن وصل الى درجة وكيل وزارة
كما أنه كان دارساً لأحكام التلاوة والقرأت والتجويد حيث كان حريصاً على مجالسة العلماء الكبار الذين كانوا لا يبخلوا عليه بأى شئ خاص بالقرآن الكريم وأحكامه.
تواضع اهل العلم
وعندما كان يسأل الشيخ شعبان الصياد عن القراء الذين هم أقل منه أو أفضل منه فى المستوى فكان رده دائماً أنه أقل عباد الله ، وأن جميع القراء بلا استثناء أفضل منه فى نظره الشخصى فكان مثالاً للتواضع المقرون بالقوة والجمال. كما إنه كان ذو نبرات فى صوته حادة جداً وكان شديد التحكم فيها وكان قادراً على التحكم بصوته وبنغماته كيفما يشاء ، كما أن طول النفس كان من أهم ما يميزه ويساعده فى تلاواته المختلفة.
حديث الصحافة
وكتب عن الشيخ شعبان الصياد المقالات الكثيرة فى الصحف المختلفة والمجلات التى كانت تتابع تلاواته وتسجيلاته. وسهراته القرآنية فى المساجد المختلفة وآخر أخبار تسجيلاته لشركات الأسطوانات التى كانت تتهافت على تسجيل شرائط كاسيت له ، إلا أنه كان مقلاً فى تسجيلاته لهذه الشركات لكثرة ارتباطاته فى المناسبات المختلفة ، وبرغم ذلك كانت له تسجيلات لشركة صوت الحب ، وشركة صوت القاهرة وشركة إبراهيم فون.
ومن المجلات التى كانت تواظب على متابعة أخبار الشيخ شعبان الصياد ، مجلة روزاليوسف ومجلة الكواكب ومجلة الاذاعة والتليفزيون ، ومعظم الجرائد وكان منها جريدة المساء بتاريخ الأول من ديسمبر عام 2002 ميلادية - السادس والعشرون من شهر رمضان المعظم عام 1423 هجرية ، وكانت مقالة فى الصحفة التاسعة تحت عنوان "أصوات خالدة" وكتب فيها صاحب المقالة فى العنوان الرئيسى (الشيخ شعبان الصياد... نجم الأمسيات الدينية) وكتب فيها الآتى: "قارئ من علماء الأزهر ، تخرج من كلية أصول الدين ، وعين مدرساً للمواد العربية والشرعية بمعهد منوف الدينى ، وتدرج فى السلك الدراسى حتى وصل الى مدرس أول ثم موجه أول للمواد الشرعية وعلوم القرآن الكريم ، أى أنه أهل علم ودراية وخبرة بأصول القراءات - اشتهربتلاوةالقرآنوحسنالصوتالرخيم ، وبدأ يقرأ فى الليالى وهو طالب بالمعهد الثانوى الدينى ولم يبلغ السابعة عشرة ، وكان شيخ المعهد معجباً بصوته العزب ونفسه الطويل وتمكنه من أحكام القرآن فقدمه من خلال الاحتفالات التى كان يقيمها الأزهر الشريف ، ثم ذاعت شهرته فى محافظة المنوفية وانتشر صوته فى جميع محافظات مصر والدول العربية والإسلامية بعد أن لمع فى تلاوات الاذاعة عام 1965م. ولد الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد عام 1940م بقرية صراوة - مركز آشمون - محافظة المنوفية وقد اصقل موهبته وهو صغير بأحكام التجويد وتلقيه القراءات بجانب مواصلته فى الأزهر حتى أصبح واحداً من علمائه وفقيهاً من فقهائه. فكان القارئ العالم ، وعندما أعجب بصوته أمين حماد رئيس الاذاعة والتليفزيون ، قدمه للجنة الاستماع للقراء ونجح بتقدير ممتاز ، وذاعت شهرته القرآنية ، خاصة فى الأمسيات الدينية التى كانت تقيمها الاذاعة فى المساجد الكبرى ، وفى الليالى الرمضانية فى مسجد الإمام الحسين ، والسيدة زينب رضى الله عنهما. وقد سافر الى كثير من الدول العربية والإسلامية والأجنبية ، فسافر الى الأردن وسوريا والعراق وأندونيسيا ولندن ، وباريس وأمريكا وغيرها ، ونال التقدير الكبير من الجاليات الإسلامية والعربية بهذه الدول ، كما شهد لجان التحكيم للمسابقات القرآنية بالسعودية وإيران وماليزيا ، وله آذان مسجل بالاذاعة فى غاية الروعة والابداع. فهو يعتبر صاحب الصوت الندى الذى يصدع لإعلام الصلاة - رحمه الله تعالى. رحل عن دنيانا عام 1998م. ولم يناهز الثامنة والخمسين عاماً".
كانت هذه هى تفاصيل آخر مقالة كتبت عن الشيخ ( شعبان عبد العزيز الصياد) وكان كاتبها هو المستشار الاعلامى لنقابة قراء القرآن الكريم بجمهورية مصر العربية.
رحلته مع المرض حتى وفاته
ظل الشيخ شعبان الصياد فى عطائه المستمر فى تلاوة القرآن الكريم فى كافة انحاء المعمورة الى أن فاجأه المرض عام 1994م. فأصيب بمرض الفشل الكلوى ، فاستمر فى تلاواته ولكن فى أضيق الحدود حتى اقعده المرض تماماً. وقد احسن المولى عز وجل ختامه ولبى نداء ربه وفاضت روحه الطاهرة الى بارئها فى صباح فجر يوم من اعظم الايام فى الأسلام 19/1/1998م. الموافق الأول من شهر شوال (عيد الفطر) عام 1419 هجرية. سبحان الله حتى يوم وفاته كان يوم عيد وكانت جنازته فى مسقط رأسه بقرية صراوة مركز آشمون - محافظة المنوفية حيث دفن فى مدافن الأسرة ، وحضر الجنازة جمع غفير من جميع المحافظات وعلى رأسهم مندوب عن السيد رئيس الجمهورية حسنى مبارك الذى أرسل برقيتين للتعزية كما أرسل السيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء وجميع كبار رجال الدولة ببرقيات تعازى فى وفاة المغفور له الشيخ شعبان الصياد ، ونقلت القناة السادسة بالتليفزيون مشهد الجنازة العظيمة وأذاعته مباشرة إذاعة القرآن الكريم. ولم يحضر الجنازة أى قارئ من قراء القرآن الكريم سوى الشيخ عبد العاطى ناصف والشيخ صلاح يوسف. كما لم يحضر شيخ الأزهر ولا مندوب عنه ولم يرسل شيخ الأزهر أى برقية عزاء ولم ترسل نقابة القراء أى برقية عزاء مما كان له الأثر المؤسف والغير منتظر تجاه عالم من علماء الأزهر الشريف وقارئ كبير وشهير وله سمعته وصيته فى عالم القرآن الكريم.
نبذة مختصرة من الاذاعة
وقد قدمته اذاعة القرآن الكريم من القاهرة في لمحة مختصرة جامعة في هذه المادة الصوتية:
رحم الله العالم الجليل والقارئ ذو الحنجرة الذهبية والمدرسة الفريدة فى قراءة القرآن الكريم فضيلة القارىء الشيخ (شعبان عبد العزيز الصياد) رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته جزاءاً بما قدم للإنسانية من علم ينتفع به وتلاوات سوف تظل على مدى الدهر يسمعها ويستفيد منها محبى سماع القرآن الكريم.
كتبه الأستاذ محمود علي بالتعاون مع أسرة الشيخ
© islamophile.org 1998 - 2024. Tous droits réservés.
Toute reproduction interdite (y compris sur internet), sauf avec notre accord explicite. Usage personnel autorisé.
Les opinions exprimées sur le site islamophile.org sont celles de leurs auteurs. Exprimées dans diverses langues étrangères, ces opinions sont mises à la portée des lecteurs francophones par nos soins, à des fins d'information, de connaissance et de respect mutuels entre les différentes cultures et religions du monde.